كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


علم مما تقرر أن العبد إنما يكون في صفات الإنسانية التي فارق بها غيره من الحيوان والنبات والجماد بارتقائه عن صفاتها إلى معالي الأمور وأشرافها التي هي صفات الملائكة فحينئذ ترفع ‏[‏ص 296‏]‏ همته إلى العالم الرضواني وتنساق إلى الملأ الروحاني‏.‏

قال بعض الحكماء‏:‏ بالهمم العالية والقرائح الزكية تصفو القلوب إلى نسيم العقل الروحاني وترقى في ملكوت الضياء والقدرة الخفية عن الأبصار المحيطة بالأنظار وترتع في رياض الألباب المصفاة من الأدناس وبالأفكار تصفو كدر الأخلاق المحيطة بأقطار الهياكل الجسمانية فعند الصفو ومفارقة الكدر تعيش الأرواح التي لا يصل إليها انحلال ولا اضمحلال‏.‏

- ‏(‏طب عن الحسين بن علي‏)‏ أمير المؤمنين قال الهيثمي فيه خالد بن إلياس ضعفه أحمد وابن معين والبخاري والنسائي وبقية رجاله ثقات وقال شيخه العراقي رواه البيهقي متصلاً ومنفصلاً ورجالهما ثقات اهـ‏.‏

1890 - ‏(‏إن اللّه تعالى يحب أبناء الثمانين‏)‏ أي من بلغ من العمر ثمانين سنة من رجل وامرأة والمراد من المؤمنين كما هو بين‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏

1891 - ‏(‏إن اللّه يحب أبناء السبعين‏)‏ من السنين ‏(‏ويستحيي من أبناء الثمانين‏)‏ أي يعاملهم معاملة المستحيي فليس المراد هنا حقيقة الحياء الذي هو انقباض عن الرذائل لأنه سبحانه وتعالى منزه عن الوصف به بل ترك تعذيبهم‏.‏

- ‏(‏حل عن علي‏)‏ أمير المؤمنين رضي اللّه تعالى عنه وفيه محمد بن خلف القاضي قال الذهبي عن ابن المناوي فيه لبن وأبان بن ثعلب قال ابن عدي غال في التشيع لا بأس به‏.‏

1892 - ‏(‏إن اللّه يحب أن يحمد‏)‏ بالبناء للمفعول أي يحب من عبده أن يثنى عليه بجميع صفاته الجميلة الجليلة من ملكه واستحقاقه لجميع الحمد من الخلق، فأخبر أنه تعالى يحب المحامد وفي رواية إن اللّه تعالى يحب أن يمدح وفي أخرى لا شيء أحب إليه المدح من اللّه ولذلك مدح نفسه، واستنبط منه عبد اللطيف البغدادي جواز قول مدحت اللّه وتعقبه الزركشي بأنه غير صريح لاحتمال كون المراد إن اللّه يحب أن يمدح غيره ترغيباً للعبد في الازدياد مما يقتضي المدح لا أن المراد يحب أن يمدحه غيره‏.‏ قال بعضهم‏:‏ وما اعترض به على عدم الصراحة بإيداء الاحتمال المذكور ليس من قبل نفسه بل ذكره البهاء السبكي في شرح التلخيص‏.‏

- ‏(‏طب عن الأسود بن سريع‏)‏ بفتح السين ابن حمير عبادة التميمي السعدي أول من قص بجامع البصرة فكان شاعراً بليغاً مفوهاً مات في أيام الجمل وقيل سنة اثنين وأربعين‏.‏

1893 - ‏(‏إن اللّه يحب الفضل‏)‏ بضاد معجمة أي الزيادة ‏(‏في كل شيء‏)‏ من الخير ‏(‏حتى في الصلاة‏)‏ فإكثار العبد إياها محبوب عند اللّه إذ هي خير موضوع كما سيجيء في حديث وفي نسخ الفصل بصاد مهملة وعليه فالمعنى يحب الفصل بين الكلمات حتى في الصلاة بأن يقف إذا قرأ الفاتحة على رؤوس الآي كما كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يفعل ويفصل الاعتدال عن الركوع والسجود عن الاعتدال وهكذا وقد ندبوا في الصلاة تسع سكتات‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن ابن عمرو‏)‏ بن العاصي‏.‏

1894 - ‏(‏إن اللّه يحب أن تؤتى رخصه‏)‏ جمع رخصة وهي تسهيل الحكم على المكلف لعذر حصل وقيل غير ذلك لما فيه من دفع التكبر والترفع من استباحة ما أباحته الشريعة، ومن أنف ما أباحه الشرع وترفع عنه فسد دينه فأمر بفعل ‏[‏ص 297‏]‏ الرخصة ليدفع عن نفسه تكبرها، ويقتل بذلك كبرها ويقهر النفس الأمارة بالسوء على قبول ما جاء به الشرع ومفهوم محبته لإتيان الرخص أنه يكره تركه فأكد قبول رخصته تأكيداً يكاد يلحق بالوجوب بقوله ‏(‏كما يكره أن تؤتى معصيته‏)‏ وقال الغزالي رحمه اللّه‏:‏ هذا قاله تطييباً لقلوب الضعفاء حتى لا ينتهي بهم الضعف إلى اليأس والقنوط فيتركوا الميسور من الخير عليهم لعجزهم عن منتهى الدرجات فما أرسل إلا رحمة للعالمين كلهم على اختلاف درجاتهم وأصنافهم اهـ‏.‏ قال ابن حجر رحمه اللّه‏:‏ وفيه دلالة على أن القصر للمسافر أفضل من الإتمام-والرخص عند الشافعية أقسام‏:‏ ما يجب فعلها كأكل الميتة للمضطر والفطر لمن خاف الهلاك بعطش أو جوع وما يندب كالقصر في السفر وما يباح كالسلم وما الأولى تركه كالجمع والتيمم لقادر وجد الماء بأكثر من ثمن مثله وما يكره فعله كالقصر في أقل من ثلاث فالحديث منزل على الأولين - ‏(‏حم حب هب‏)‏ وكذا أبو يعلى والبزار كلهم ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب ورواه عنه أيضاً الطبراني قال الهيثمي رحمه اللّه‏:‏ رجال أحمد رجال الصحيح وسند الطبراني حسن انتهى‏.‏

1895 - ‏(‏إن اللّه تعالى يحب أن تعدلوا‏)‏ من العدل ضد الجور ‏(‏بين أولادكم‏)‏ في كل شيء ‏(‏حتى في القبل‏)‏ بضم ففتح جمع قبلة أي حتى في تقبيل أحدكم لولده فلا يميز بعضهم على بعض ولو بقبلة فيتأكد التسوية بينهم لما في عدمها من إيراث الضغائن والتباغض والتحاسد‏.‏

- ‏(‏ابن النجار‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن النعمان بن بشير‏)‏ الأنصاري‏.‏

1896 - ‏(‏إن اللّه يحب الناسك‏)‏ أي المتعبد ‏(‏النظيف‏)‏ أي النقي البدن والثوب فإنه تعالى نظيف يحب النظافة كما سلف تقريره واللّه سبحانه وتعالى يحب أن يرى على عبده الجمال الظاهر كما يحب أن يرى عليه الجمال الباطن بالتقوى قال في المواهب‏:‏ الجمال في اللباس والهيئة ثلاثة نوع يحمد ونوع يذم ونوع لا ولاء، فالمحمود ما كان للّه تعالى وأعان على طاعته كالمتضمن غيظ عدوه وإعلاء كلمته ومنه التجمل للوفود ولهذا كان المصطفى صلى اللّه عليه وآله وسلم يتجمل للوفود، والمذموم ما فيه خيلاء وفخر، وما عدا ذلك مباح لتجرده عن قصد مذموم شرعاً، وكتب بعضهم إلى ملك بلغني أنك تأكل الرقاق وتلبس الرقاق فأجابه‏:‏

حسن ثيابك ما استطعت فإنها * زين الرجال بها تعز وتكرم

ودع التواضع في الثياب تخشنا * فاللّه يعلم ما تسر وتكتم

فرثاث ثوبك لا يزيدك رفعة * عند الإله وأنت عبد مجرم

وجديد ثوبك لا يضرك بعد أن * تخشى الإله وتتقي ما يحرم

فينبغي لكل عاقل تنظيف ثوبه عن الدنس الحسي وقلبه عن الدنس المعنوي ويلحظ استحسان النظافة الحسية وحسن رونق المتصف بالنظافة المعنوية ويلحظ قولهم ما من أمر معنوي إلا وجعل له مثال حسي يدل عليه‏.‏

- ‏(‏خط عن جابر‏)‏ بن عبد اللّه‏.‏

1897 - ‏(‏إن اللّه تعالى يحب أن يقرأ‏)‏ بالبناء للمجهول ‏(‏القرآن‏)‏ أي أن يقرأه عباده المؤمنون ‏(‏كما أنزل‏)‏ بالبناء للمفعول أو الفاعل أو من غير زيادة ولا نقص فلا يزيد للقارئ حرفاً ولا ينقص حرفاً ولا يقرأه بالألحان والتمطيط كما يفعله قراء زمننا‏.‏

- ‏(‏السجزي‏)‏ أبو نصر ‏(‏في الإبانة‏)‏ أي في كتاب الإبانة عن أصول الديانة له ‏(‏عن زيد بن ثابت‏)‏‏.‏

‏[‏ص 298‏]‏ 1898 - ‏(‏إن اللّه يحب أهل البيت الخصب‏)‏ ككتف أو كجمل أي الكثير الخير الذي وسع اللّه على صاحبه فلم يقتر على عياله بل واساهم بماله ولم يضيق عليهم، وقرى الضيف وأطعم الجار‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر ‏(‏في‏)‏ كتاب فضل ‏(‏قرى الضيف عن‏)‏ عبد الملك بن عبد العزيز بن ‏(‏جريج‏)‏ بضم الجيم وفتح الراء المكي الفقيه أحد الأعلام أول من صنف في الإسلام ‏(‏معضلاً‏)‏‏.‏

1899 - ‏(‏إن اللّه تعالى يحب أن يرى‏)‏ بضم الياء وفتحها فعلى الضم الرؤية تعود للناس وعلى الفتح تعود إلى اللّه لأنه يرى الأشياء على ما هي فيرى الموجود موجوداً والمعدوم معدوماً ‏(‏أثر نعمته على عبده‏)‏ لأنه سبحانه يحب ظهور أثر نعمته على عبده فإنه من الجمال الذي يحبه وذلك من شكره على نعمه وهو جمال باطن فيجب أن يرى على عبده الجمال الظاهر بالنعمة والجمال الباطن بالشكر عليه ولأجل محبته تعالى للجمال أنزل لعباده لباساً يجمل ظواهرهم ويقوي تجمل بواطنهم فهو يحب لعبده التجمل حتى ‏(‏في مأكله ومشربه‏)‏ أي مأكوله ومشروبه حتى يرى أثر الجدة عليه وعلى من عليه مؤنته من زوجة وخادم وغيرهما قوتاً وملبساً ومسكناً وغير ذلك مما يليق بأمثاله وأمثالهم عرفاً‏.‏

كثير من أرباب النفوس يتعلق بهذا الخبر فيبرز منه تفاخر مذموم في قالب التحدث بالنعمة وهو باعتبار حاله ظاهر معلوم وإن خفي على أرباب الرسوم فلا يخفى على أرباب القلوب والفهوم، نعم قد يصدر عن بعض فصحاء الحضرة الإلهية المترجمون عن لسان المواهب الإختصاصية نفثة مصدور لكونها مطابقة مقتضى الحال فيعذرون فمن ذلك قوله في الفتوحات شاهدت جميع الأنبياء وأشهدني اللّه جميع المؤمنين ورأيت مراتب الجماعة كلها فعلمت أقدارهم واطلعت على جميع ما آمنت به مجملاً مما هو في العالم العلوي ولم أسأله أن يخصني بمقام لا يكون لمتبع أعلا منه فلو أشرك جميع الخلق لم أتأثر فإني عبد محض لا أطلب التفوق على عباده بل أتمنى أن يكون العالم كله في أعلى المراتب فخصني بخاتمة لم تخطر ببالي ولا أذكره للفخر بل للتحدث بالنعمة وليسمع صاحب همة فتحدث له همة استعمال نفسه فيما استعملها فينال درجتي ولا ضيف إلا في المحسوس انتهى‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر ‏(‏فيه‏)‏ أي في قرى الضيف ‏(‏عن علي بن يزيد بن‏)‏ عبد اللّه بن جدعان بضم الجيم وسكون المعجمة التيمي البصري أصله حجازي ويعرف بعلي بن زيد بن جذعان ينسب أبوه إلى جد جده إذ هو علي بن يزيد بن عبد اللّه بن أبي مليكة بن عبد اللّه بن جذعان بن عمر بن كعب الضرير أحد حفاظ البصرة ‏(‏مرسلاً‏)‏ أرسل عن جمع من الصحابة قال الدارقطني فيه لين وفي التقريب ضعيف‏.‏

1900 - ‏(‏إن اللّه تعالى يحمي عبده المؤمن‏)‏ أي يمنعه مما يضره ‏(‏كما يحمي الراعي الشفيق‏)‏ أي الكثير الشفقة أي الرحمة والرأفة ‏(‏غنمه عن مراتع الهلكة‏)‏ بالتحريك وذلك من غيرته تعالى على عبده فيحميه مما يضره في آخرته ويحتمل أن المراد يحميه من الدنيا ودوام الصحة، ورب عبد تكون الخيرة له في الفقر والمرض ولو كثر ماله وصح لبطر وطغى ‏{‏إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى‏}‏ قال الغزالي رحمه اللّه تعالى‏:‏ فتأمل إذا حبس عنك رغيفاً أو درهماً فتعلم أنه يملك ‏[‏ص 299‏]‏ ما تريد ويقدر على إيصاله إليك وله الجود وله الفضل ويعلم حالك لا يخفى عليه شيء فلا عدم ولا عجز ولا خفاء ولا بخل تعالى عن ذلك فإنه أغنى الأغنياء وأقدر القادرين وأعلم العلماء وأجود الأجودين فتعلم أنه لم يمنعك إلا لصلاح، كيف وهو يقول ‏{‏هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً‏}‏ وإذا إبتلاك بشدة فإنه غني عن امتحانك وابتلائك عالم بحالك بصير بضعفك وهو رؤوف رحيم فلم ينزله بك إلا لصلاح لك جهلته‏.‏

- ‏(‏هب عن حذيفة‏)‏ بن اليمان وفيه الحسين الجعفي قال الذهبي مجهول متهم‏.‏

1901 - ‏(‏إن اللّه تعالى يحشر‏)‏ أي يجمع ‏(‏المؤذنين‏)‏ في الدنيا ‏(‏يوم القيامة-يوم ظرف ليحشر ونصب أطول على الحال وأعناقاً على التمييز أكثرهم رجاء أو هو كناية عن عدم الافتضاح- أطول الناس أعناقاً‏)‏ أي أكثرهم رجاء ‏(‏بقولهم لا إله إلا اللّه‏)‏ أي بسبب إكثارهم من النطق بالشهادتين في التأذين في الأوقات الخمس وفيه إيماء إلى أن سبب نيلهم هذه المرتبة إكثار النطق بالشهادة فيفيد أن من دوام عليها حشر كذلك وإن لم يكن مؤذناً‏.‏

- ‏(‏خط‏)‏ في ترجمة عبيد اللّه الأنصاري ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وفيه عبد الرحمن الوقاص قال الذهبي ضعفه الأزدي‏.‏

1902 - ‏(‏إن اللّه تعالى يخفف على من يشاء من عباده‏)‏ المؤمنين ‏(‏طول يوم القيامة‏)‏ حتى يصير عنده في الخفة ‏(‏كوقت صلاة مكتوبة‏)‏ أي مقدار صلاة الصبح كما في خبر آخر وهذا تمثيل لمزيد السرعة والمراد لمحة لا تكاد تدرك وخص المثل بقدر وقت الصلاة لأن عادة البليغ الضارب للمثل أن ينظر إلى ما يستدعيه حال الممثل له ويستجره إليه وصفة حال السعداء في غالب الأحيان التلبس بأفضل العبادات بعد الإيمان وجاء في خبر أن بعضهم لا يقف في الموقف‏.‏

- ‏(‏هب عن أبي هريرة‏)‏ وفيه نعيم بن حماد أورده الذهبي في الضعفاء وقال أحمد ثقة وقال النسائي غير ثقة وقال ابن عدي والأزدي قالوا كان يضع الحديث‏.‏

1903 -‏(‏إن اللّه تعالى يدخل‏)‏ بضم أوله وكسر ثالثه ‏(‏بالسهم الواحد‏)‏ الذي يرمي إلى أعداء اللّه بقصد إعلاء كلمة اللّه ‏(‏ثلاثة نفر الجنة صانعه‏)‏ دخل فيه صانع مفرداته كما يتناول صانع تركيبه فكل من حاول من أمره شيئاً فهو من صناعه لكن إنما يدخل إذا كان ‏(‏يحتسب في صنعته الخير‏)‏ أي الذي يقصد بعمله الإعانة على جهاد أعداء اللّه لإعلاء كلمة اللّه ويحتمل أن المراد المتطوع بعمله للمجاهد بغير أجرة‏.‏ قال الزين العراقي‏:‏ والأول أولى وقال ابن حجر رحمه اللّه‏:‏ هذا أعم من كونه متطوعاً أو بأجرة لكن لا يحسن إلا من متطوع ‏(‏والرامي به‏)‏ في سبيل اللّه ‏(‏ومنبله‏)‏ بالتشديد مناوله للرامي ليرمي به احتساباً منه يقوم بجنبه أو خلفه فيناوله إياه أو يجمع له السهام إذا رماها ويردها إليه وفيه فضل الرمي وأنه أولى ما استعد به للعدو بعد الإيمان‏.‏

- ‏(‏حم 3‏)‏ في الجهاد ‏(‏عن عقبة بن عامر‏)‏ وفيه خالد بن زيد قال ابن القطان وهو مجهول الحال فالحديث من أجله لا يصح اهـ‏.‏

1904 - ‏(‏إن اللّه تعالى يدخل‏)‏ بضم أوله وكسر ثالثه والذي وقفت عليه في الأصول الصحيحة ليدخل ‏(‏بلقمة الخبز‏)‏ أي بقدر ما يلقم منه ‏(‏وقبضة التمر‏)‏ بفتح القاف وضمها وسكون الموحدة وبصاد مهملة ما يناوله الإنسان برؤوس أنامله الثلاث للسائل، ذكره المنذري ‏(‏ومثله‏)‏ أي ومثل كل مما ذكر ‏(‏مما‏)‏ أي من كل ما ‏(‏ينفع المسكين‏)‏ وإن لم ‏[‏ص 300‏]‏ يكفه كقبضة زبيب أو قطعة لحم أو غير ذلك ففي ذكر النفع إشارة إلى أن اللقمة والقبضة لابد أن يكون لهما وقع في الجملة وأن ما يثير الشهوة ولا يقع موقعه البتة لا أثر له ‏(‏ثلاثة الجنة‏)‏ أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب أو شديد ‏(‏صاحب البيت‏)‏ أي المسكن الذي تصدق بذلك على الفقير منه ‏(‏الآمر به‏)‏ أي الذي أمر بالتصدق عليه به ‏(‏والزوجة المصلحة‏)‏ للخبز أو الطعام بالطبخ والطحن والتهيئة وغير ذلك ومن في معنى الزوجة نحو الأم كذلك ‏(‏والخادم الذي يناول المسكين‏)‏ أي الذي يناول الشيء المتصدق به إلى المتصدق عليه والخادم مثال وخصه نظراً إلى أنه المناول غالباً وإلا ففي معناه كل مناول وتمام الحديث كما في المستدرك ثم قال رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم الحمد للّه الذي لم ينس خدمنا اهـ‏.‏ فحذف المصنف لذلك غير صواب وقوله لم ينس خدمنا أي من الثواب‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الأطعمة من حديث سويد بن عبد العزيز عن ابن عجلان عن المقبري ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وقال على شرط مسلم فتعقبه الذهبي فقال سويد متروك‏.‏

1905 - ‏(‏إن اللّه يدخل‏)‏ بضم أوله وكسر ثالثه ‏(‏بالحجة الواحدة‏)‏ أي بسببها ‏(‏ثلاثة نفر‏)‏ بفتح النون والفاء ‏(‏الجنة الميت‏)‏ المحجوج عنه ‏(‏والحاج عنه والمنفذ‏)‏ بضم الميم ومعجمة مشددة ‏(‏لذلك‏)‏ قال البيهقي يعني الوصي وهذا فيه شمول لما إذا تطوع بالحج وما لو حج بأجرة على قياس ما قبله ويؤيده ما رواه ابن عدي من حديث معاذ مثل الذي يحج عن أمتي مثل أم موسى كانت ترضعه وتأخذ الكراء من فرعون قال ابن عدي مستقيم الإسناد منكر المتن قال الزين العراقي‏:‏ ولا يشك أن من قصد الإعانة يكون شريكاً في الأجر فإن المباح يصير قربة بالنية وفيه رد على من منع حج المرأة عن الرجل والحج عن الغير مطلقاً وحكى عن مالك والذي عليه الشافعي جوازه كالجمهور، عمن عليه فرض ولو قضاء أو نذراً وإن لم يوص به أو عمن أوصى به ولو تطوعاً وعن حيي معضوب بي‏.‏

- ‏(‏عد‏)‏ عن علي أحمد بن حاتم عن إسحاق بن إبراهيم السختياني عن إسحاق بن بشر عن ابن معشر عن محمد بن المنكدر عن جابر ‏(‏هب‏)‏ من هذا الوجه ‏(‏عن جابر‏)‏ قال الذهبي فيه أبو معشر ضعيف اهـ‏.‏ وسبقه ابن القطان فقال أبو معشر ضعفه الأكثر اهـ‏.‏ وأورده ابن الجوزي من هذا الطريق في الموضوعات وقال‏:‏ إسحاق يضع ولم يتعقبه المؤلف إلا بأن البيهقي خرجه واقتصر على تضعيفه وبأن له شاهداً‏.‏

1906 - ‏(‏إن اللّه تعالى يدنو من خلقه‏)‏ أي يقرب منهم قرب كرامة ولطف ورحمة لا قرب مسافة كما هو بين والمراد ليلة النصف من شعبان كما في رواية أخرى أو كل ليلة إذا بقي من الليل كما ثلثه في رواية أخرى ولا يصح حمله يوم القيامة إذ لا فائدة للاستغفار ولا للتوبة فيه ‏(‏فيغفر لمن استغفر‏)‏ أي طلب منه الغفران بأن تاب ‏(‏إلا البغي بفرجها‏)‏ أي الزانية وزاد قوله بفرجها دفعاً لتوهم إرادة نحو زنا العين واللسان أي الزانية ‏(‏والعشار‏)‏ بالتشديد أي المكاس ويقال العاشر والعشور المكوس وهذا وعيد شديد يفيد أن المكس من أكبر الكبائر وأفجر الفجور ووجه استثنائهما أن الزانية سعت في إفساد الإنسان واختلاط المياه والمكاس قد قهر الخلق بأخذ ما ليس عليهم جبراً‏.‏

- ‏(‏طب عد عن عثمان ابن أبي العاصي‏)‏ قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح إلا أن فيه علي بن زيد فيه كلام وللحديث طرق تأتي فيما يناسبها‏.‏

‏[‏ص 301‏]‏ 1907 - ‏(‏إن اللّه تعالى يدني المؤمن‏)‏ أي يقربه منه بالمعنى المقرر فيما قبل ‏(‏فيضع عليك كنفه‏)‏ أي ستره فيحفظه ‏(‏ويستره‏)‏ به ‏(‏من الناس‏)‏ أهل الموقف صيانة له من الخزي والتفضيح مستعار من كنف الطائر وهو جناحه يصون به نفسه ويستر به بيضه ‏(‏ويقرره بذنوبه‏)‏ أي يجعله مقراً بها بأن يظهرها له ويلجئه إلى الإقرار بها ‏(‏فيقول‏)‏ تعالى له ‏(‏أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا‏)‏ مرتين ‏(‏فيقول‏)‏ المؤمن ‏(‏نعم‏)‏ أعرفه وفي رواية أعرف ‏(‏أي رب‏)‏ أي يا رب أعرف ذلك وهكذا كلما ذكر له ذنباً أقر به ‏(‏حق إذا قرره بذنوبه‏)‏ أي جعله مقراً بها كلها بأن أظهر له ذنوبه وألجأه إلى الإقرار بها ‏(‏ورأى في نفسه‏)‏ أي علم اللّه في ذاته ‏(‏أنه‏)‏ أي المؤمن ‏(‏قد هلك‏)‏ باستحقاقه العذاب لاقراره بذنوب لا يجد لها مدفعاً ولا عنها جواباً منجعاً ويجوز كون الضمير في رأي للمؤمن والواو فيه للحال ذكره القاضي ‏(‏قال‏)‏ أي اللّه ‏(‏فإني‏)‏ أي فإذ قد أقررت وخفتني إني ‏(‏قد سترتها‏)‏ أي الذنوب ‏(‏عليك في الدنيا‏)‏ هذا إستئناف جواب عمن قال ماذا قال اللّه ‏(‏وأنا أغفرها لك اليوم‏)‏ قدم أنا ليفيد الاختصاص إذ الذنوب لا يغفرها غيره ولم يقل أنا سترتها عليك لأن الستر في الدنيا كان باكتساب من العبد أيضاً‏.‏ قال الغزالي رحمه اللّه تعالى‏:‏ وهذا إنما يرجى لعبد مؤمن ستر على الناس عيوبهم واحتمل في حق نفسه تقصيرهم ولم يذكرهم في غيبتهم بما يكرهون فهو جدير بأن يجازى بذلك ‏(‏ثم يعطى‏)‏ بالبناء للمجهول أي يعطي اللّه المؤمن إظهاراً لكرامته وإعلاماً بنجاته وإدخالاً لكمال السرور عليه وتحقيقاً لقوله تعالى ‏{‏فأما من أوتي كتابه بيمينه‏}‏ ‏(‏كتاب حسناته بيمينه‏)‏ أي بيده اليمنى ‏(‏وأما الكافر‏)‏ بالإفراد ‏(‏والمنافق‏)‏ بالإفراد وفي رواية للبخاري والمنافقون بالجمع ‏(‏فيقول الأشهاد‏)‏ جمع شهيد جمع شاهد أي الحاضرون يوم القيامة الأنبياء والملائكة والمؤمنون أو المراد أهل المحشر لأنه يشهد بعضهم على بعض ‏(‏هؤلاء‏)‏ إشارة إلى الكافرين والمنافقين ‏(‏الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة اللّه على الظالمين‏)‏ وفيه رد على المعتزلة المانعين مغفرة ذنوب غير الكفار وعلى الخوارج حيث كفروا بالمعاصي والمراد بالذنوب هنا الحقوق المتعلقة بالخلق بدليل ما روي إذا خلص المؤمنون من النار احتبسوا بقنطرة بين الجنة والنار يتقاضون مظالم كانت عليهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، وأل في المؤمن عهدية لا جنسية والمعهود من لم يتجاهر في الدنيا بالمعاصي بل استتر بستر اللّه وإلا فلا بد من دخول جماعة من عصاة المؤمنين النار‏.‏

- ‏(‏حم ق‏)‏ البخاري في المظالم في التوبة ‏(‏ن‏)‏ في التفسير ‏(‏ه‏)‏ في السنة كلهم ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب‏.‏

1908 - ‏(‏إن اللّه يرضى لكم ثلاثاً‏)‏ من الخصال ‏(‏ويكره لكم ثلاثاً‏)‏ يعني يأمركم بثلاث وينهاكم عن ثلاث إذ الرضى بالشيء يستلزم الأمر والأمر بالشيء يستلزم الرضى به فيكون كناية وكذا الكلام في الكراهة، وأتى باللام في الموضعين ولم يقل يرضى عنكم ويكره منكم رمز إلى أن فائدة كل من الأمرين عائدة لعباده فالأولى ما أشار إليها بقوله ‏(‏فيرضى لكم‏)‏ الفاء فيه تفسيرية ‏(‏أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً‏)‏ في عبادته فهذه واحدة خلافاً لقول النووي ‏[‏ص 302‏]‏ ثنتان ‏(‏و‏)‏ الثانية ‏(‏أن تعتصموا بحبل اللّه جميعاً‏)‏ أي القرآن، يرشدك إلى ذلك خبر القرآن حبل اللّه المتين والحديث يفسر بعضه بعضاً فمن فسره بعهد اللّه أو اتباع كتابه كأنه غفل عن ذلك ولا عطر بعد عروس والاعتصام به التمسك بآياته والمحافظة على العمل بها ‏(‏ولا تفرقوا‏)‏ بحذف إحدى التاءين وهذا نفي عطف على تعتصموا أي لا تختلفوا في ذلك الاعتصام كما اختلف أهل الكتاب أو هو نهي عن أن يكون ما قبله من الخبر بمعنى الأمر يعني اعتصموا ولا تفرقوا وكذا اللام في قوله ولا تشركوا ‏(‏و‏)‏ الثالثة ‏(‏أن تناصحوا من ولاه اللّه أمركم‏)‏ أي من جعله والي أمركم وهم الإمام ونوابه والمراد بمناصحتهم ترك مخالفتهم والدعاء عليهم والدعاء لهم ومعاونتهم على الحق والتلطف في إعلامهم بما غفلوا عنه من الحق والخلق ولم يؤكد هنا بقوله ولا تخالفوا إشعاراً بأن مخالفتهم جائزة إذا أمروا بمعصية ‏(‏ويكره لكم قيل وقال‏)‏ مصدران أريد بهما المقاولة والخوض في أخبار الناس أو ماضيان كما سبق ‏(‏وكثرة السؤال‏)‏ عن الأخبار وقيل من الأموال وقد سبق ما فيه ‏(‏وإضاعة المال‏)‏ -وسبب النهي أنه إفساد واللّه لا يحب الفساد ولأنه إذا ضاع ماله تعرض لما في أيدي الناس- بصرفه في غير وجهه الشرعي وقد سبق من ذلك ما فيه بلاغ ‏.‏

حكي أن الأصمعي لما أراد الرشيد مجالسته قال له‏:‏ اعلم أنك أعلم منا ونحن أعقل منك فلا تعلمنا في ملأ ولا تذرنا في خلاء واتركنا حتى نبدأك بالسلام ثم إذا بلغت في الجواب حد الاستحقاق لا تزد إلا باستدعاء، وإذا وجدتنا خرجنا عن الحق فأرجعنا ما استطعت من غير تقريع على خطيئتنا ولا إضجار بطول التردد إلينا لئلا تهون في أعيننا فلا نعتني بقولك يا أبا محمد إنه لن تهلك أمة مع التناصح ولن يهلك ملك مع الاستشارة ولن يهلك قلب مع التسليم‏.‏

- ‏(‏حم م عن أبي هريرة‏)‏‏.‏

1909 - ‏(‏إن اللّه تعالى يرفع بهذا الكتاب‏)‏ أي بالإيمان بالقرآن وتعظيم شأنه والعمل بمقتضاه مخلصاً ‏(‏أقواماً‏)‏ أي درجة أقواماً ويشرفهم ويكرمهم في الدنيا والآخرة ‏(‏يضع‏)‏ أي ويحقر ويخفض ويذل ‏(‏به آخرين‏)‏ وهم من لم يؤمن به أو آمن ولم يعمل به مخلصاً وآخرين بفتح الخاء اسم على أفعل والأنثى أخرى أي يخفض ويذل به قوماً آخرين وهم من أعرض عنه ولم يأتمر به أو قرأه أو عمل به مرائياً فيضعه أسفل السافلين لقوله تعالى ‏{‏والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور‏}‏ وعدل عن أن يضع به أقواماً آخرين إشارة عن تأخرهم عن منازل القرب ودرجات الأبرار‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ في الصلاة ‏(‏ه‏)‏ في السنة ‏(‏عن عمر‏)‏ بن الخطاب ولم يخرجه البخاري‏.‏

1910 - ‏(‏إن اللّه تعالى يزيد في عمر الرجل‏)‏ ذكره وصف طردي والمراد الإنسان ‏(‏ببره والديه‏)‏ أي أصليه وإن عليا يعني بإحسانه إليهما وطاعته إياهما في كل مندوب أو مباح والمراد أنه يبارك له في عمره أو هو في المعلق كما يأتي‏.‏

- ‏(‏ابن منيع‏)‏ في معجم الصحابة ‏(‏عد‏)‏ كلاهما ‏(‏عن جابر‏)‏ وفيه الكلبي وهو محمد بن السائب قال في الكاشف‏:‏ قال البخاري تركه القطان وابن مهدي وفي الضعفاء رماه بالكذب زائدة والتيمي والجوزجاني وابن معين وابن حبان وغيرهم‏.‏

1911 - ‏(‏إن اللّه تعالى يسأل العبد‏)‏ يوم القيامة ‏(‏عن فضل علمه‏)‏ أي عما فضل منه العمل به لخاصة نفسه هل أغاث ‏[‏ص 303‏]‏ بجاهه الملهوف وأبلغ الحكام من لا يستطيع إبلاغ حاجته ونحو ذلك ‏(‏كما يسأله عن فضل ماله‏)‏ هل أنفق منه على المحتاج وأطعم الجائع وكسا العريان وفك العاني وفك الأسير ونحو ذلك وهذا حث شديد على تجنب البخل بعلمه أو بجاهه وأن عليه إعانة عيال اللّه بشفاعته وتعليمه وغير ذلك‏.‏

- ‏(‏طس عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب رضي اللّه عنه وفيه يوسف بن يونس الأفطس قال الذهبي جرحه ابن عدي‏.‏

1912 - ‏(‏إن اللّه تعالى يسعر‏)‏ أي يشدد لهب ‏(‏جهنم كل يوم في نصف النهار‏)‏ أي وقت الاستواء ‏(‏ويخبتها في يوم الجمعة‏)‏ لما خص به ذلك اليوم من عظيم الفضل وتفضيله على سائر الأيام ولعظم صلاة الجمعة الواقعة فيه حالتئذ ومن ثم ذهب الشافعية إلى عدم انعقاد صلاة لا سبب لها في وقت الاستواء وحرمتها إلا يوم الجمعة قتنعقد ولا تحرم وساعة الإجابة مبهمة في يوم الجمعة فلا يناسب المنع من العبادة والدعاء رجاء مصادفتها‏.‏

- ‏(‏طب عن وائلة‏)‏ بن الأسقع قال سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما بال يوم الجمعة يؤذن قبلها بالصلاة نصف النهار وقد نهيت في سائر الأيام فذكره قال الهيثمي فيه بشر بن عون قال ابن حبان روى مئة حديث كلها موضوعة انتهى فكان على المصنف حذفه من الكتاب‏.‏

1913 - ‏(‏إن اللّه يطلع في العيدين‏)‏ الفطر والأضحى ‏(‏إلى الأرض‏)‏ أي إلى أهلها إطلاعاً خاصاً مقتضياً لشمول الرحمة وإدرار البر والمراد أهل الأرض من المؤمنين ‏(‏فابرزوا من المنازل‏)‏ إلى مصلى العيد ندباً ‏(‏تلحقكم‏)‏ أي لتلحقكم ‏(‏الرحمة‏)‏ فإن نظره إلى عباده نظر رحمة ومثوبة والخطاب للرجال وكذا للعجائز بإذن أزواجهن فيحضرن مصلى العيد مبتذلات لهذا الحديث‏.‏

- ‏(‏ابن عساكر‏)‏ في التاريخ ‏(‏عن أنس‏)‏ ورواه عنه أيضاً الديلمي في الفردوس وفيه ضعف‏.‏

1914 - ‏(‏إن اللّه تعالى يعافي الأميين‏)‏ أي الجاهلين الذين لم يقصروا في تعلم ما وجب عليهم ‏(‏يوم القيامة‏)‏ الذي هو محل الجزاء ‏(‏ما‏)‏ وفي رواية بما ‏(‏لا يعافي العلماء‏)‏ الذين لم يعملوا بما علموا لأن الجاهل يهيم على رأسه كالبهيم ليس عنده رادع يردعه ولا زاجر يكفه فإذا لم يقصر فهو معذور والعالم إذا ركب هواه ردعه علمه وكفه فإن لم يفد فيه ذلك فقد ألقى نفسه في المهالك، كلما قبح من سائر الناس فهو من العلماء أقبح لأن زيادة قبح المعصية يتبع زيادة الفضل والمرتبة وزيادة النعمة على العاصي تتبع المعصي وليس لأحد من الأنام مثل فضل العلماء الكرام ولا على أحد نعمة من النعم ما للّه عليهم منها والجزاء يتبع الفعل وكون الجزاء عقاباً يتبع كون الفعل قبيحاً فمتى ازداد قبحاً ازداد عقابه شدة فلذا كان العاصي العالم أشد عذاباً من العاصي الجاهل ومن ثم فضل حد الحر على العبد حتى أن أبا حنيفة لا يرى رجم الكافر وعلمهم لا يغني عنهم شيئاً وكيف يغني وهو سبب مضاعفة العذاب والداعي إلى تشديد الأمر عليهم‏؟‏ أفاده كله الزمخشري‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ من حديث عبد اللّه بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن سيار بن حاتم بن جعفر بن سليمان الضبي عن ثابت عن أنس ‏(‏والضياء‏)‏ المقدسي في المختارة من هذا الطريق ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك ثم قال أبو نعيم حديث غريب تفرد به سيار عن جعفر قال عبد اللّه قال أبي هذا حديث منكر انتهى وأورده ابن الجوزي في الواهيات وأورده الضياء في المختارة وصححه قال المؤلف في مختصر الموضوعات وهما طرفا نقيض انتهى ورواه عنه أيضاً البيهقي ثم قال‏:‏ قال عبد اللّه بن أحمد هذا حديث منكر حدثني به أبي وما حدثني به إلا مرة‏.‏

‏[‏ص 304‏]‏ 1915 - ‏(‏إن اللّه تعالى يعجب‏)‏ يعجب إنكار ‏(‏من سائل‏)‏ أي طالب ‏(‏يسأل غير الجنة‏)‏ التي هي أعظم المطالب وأجل المواهب ‏(‏ومن معط يعطي لغير اللّه‏)‏ من مدح مخلوق والبناء عليه في المحافل ونحو ذلك لأن ذلك لا يرضاه عاقل لنفسه فإن من كان له جوهر نفيس يمكنه أن يأخذ في ثمنه ألف ألف دينار فباعه بفلس أليس يكون ذلك عجيباً وخسراناً عظيماً وغبناً فظيعاً ودليلاً بيناً على خسة الهمة وقصور العلم وسفاهة الرأي وقلة العقل فما يناله العبد يعلمه من الخلق من مدحة وحطام بالإضافة إلى رضى مولاه وشكره وثنائه وثوابه أقل من فلس في جنب الدنيا وما فيها فعجيب أن تفوت نفسك تلك الكرامات الشريفة بهذه الأمور الدنيئة الحقيرة ‏(‏ومن متعوذ يتعوذ من غير النار‏)‏ التي قصم ذكرها الظهور وصفر الوجوه وقطع القلوب وأذاب الأكباد وأدمى عيون العباد‏.‏ ذكر عند الحسن أن آخر من يخرج من النار رجل يقال له هناد أو غيره عذب ألف عام ينادي يا حنان يا منان، فبكى الحسن وقال ليتني كنت هناداً فعجبوا منه قال ويحكم أليس يوماً يخرج‏؟‏ فالطامّة الكبرى والمصيبة العظمى هي الخلود‏.‏

- ‏(‏خط عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص‏.‏

1916 - ‏(‏إن اللّه تعالى يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا‏)‏ ظلماً بخلافه بحق كقود وحد وتعزيز والمراد أن لهم مزيد مزية على غيرهم من عصاة المؤمنين الذين يعذبهم بذنوبهم وقد يدرك العفو من شاء اللّه منهم فلا يعذب أصلاً، وذكر الدنيا مع أنه لا يكون إلا فيها تتميم أو للمقابلة‏.‏

- ‏(‏حم م‏)‏ في الأدب ‏(‏عن هشام بن حكيم‏)‏ بن حزام القرشي الأزدي صحابي ابن صحابي مات قبل أبيه ووهم من زعم أنه قتل بأجنادين ‏(‏حم هب عن عياض بن غنم‏)‏ وسببه كما في مسلم مر هشام على أناس من الأنباط قد أقيموا في الشمس وصب على رؤوسهم الزيت فقال ما هذا فقيل يعذبون في الخراج أو الجزية فقال أشهد أني سمعت رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم يقول وساقه ولم يخرجه البخاري وقال زين الحفاظ العراقي إسناد أحمد صحيح‏.‏

1917 - ‏(‏إن اللّه تعالى يعطي على نية الآخرة-فمن اشتغل بأعمال الآخرة سهل عليه حصول رزقه ‏{‏ومن يتق اللّه يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب‏}‏-‏)‏ لأن أعمال الآخرة كلها محبوبة له تعالى فإذا أحب عبداً أحبه الوجود الصامت كله والناطق إذ الخلق كلهم تبع للخالق إلا من حقت عليه الشقاوة ومن جملة الصامت الدنيا فهي تهرول خلف الزاهد فيها الراغب في الآخرة ولو تركها لتبعته خادمة له والراغب في الدنيا بالعكس فتهرب الآخرة منه فإنه تعالى يبغض الدنيا وأهلها ومن أبغضه تعاصت عليه الدنيا وتعسرت وأتعبته في تحصيلها لأنها مملوكة للّه فتهين من عصاه وتكرم من أطاعه ‏{‏ومن يهن اللّه فما له من مكرم‏}‏ فلذا قال ‏(‏وأبى‏)‏ أي امتنع أشد امتناع عن ‏(‏أن يعطى الآخرة على نية الدنيا‏)‏ ‏{‏من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه‏}‏ فإذا أنت أخلصت النية وجردت الهمة للآخرة حصلت لك الدنيا والآخرة جميعاً وإن أردت الدنيا ذهبت عنك الآخرة حالاً وربما تنال الدنيا كما تريد الآخرة وإن نلتها فلا تبقى لك فتكون قد خسرت الدنيا والآخرة قال الطيبي‏:‏ أشار بالدنيا إلى الأرزاق وبالدين ‏[‏ص 305‏]‏ إلى الأخلاق يشعر بأن الرزق الذي يقابله الخلق هو الدنيا وليس من الدنيا في شيء وأن الأخلاق الحميدة ليست غير الدين انتهى وفي المدخل خبر من بدأ بحظه من الدنيا فاته حظه من الآخرة ولم ينله من دنياه إلا ما قسم له ومن بدأ بحظه من آخرته نال من آخرته ما أحب ولم ينل من دنياه إلا ما قسم له قال ابن عيينة‏:‏ أوحى اللّه إلى الدنيا من خدمك فأتعبيه ومن خدمني فاخدميه‏.‏

- ‏(‏ابن المبارك‏)‏ في الزهد ‏(‏عن أنس‏)‏ ظاهر حال المصنف أنه لم يره لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجيب فقد خرجه الديلمي في الفردوس مسنداً باللفظ المزبور عن أنس‏.‏

1918 - ‏(‏إن اللّه تعالى يغار للمسلم‏)‏ أي يغار عليه أن يتبع شيطانه وهواه وجمع دنياه لأنه حبيبه وغيرته زجره عن ذلك ‏(‏فليغر‏)‏ أي المسلم على جوارحه أن يستعملها في المعاصي فاللّه سبحانه يغار على قلب عبده المسلم أن يكون معطلاً من حبه وخوفه ورجائه فإنه خلقه لنفسه واختاره من خلقه كما في الخبر الإلهي‏:‏ ابن آدم خلقتك لنفسي وخلقت كل شيء لك فبحقي عليك لا تشتغل بما خلقته لك عما خلقتك له، وفي أثر آخر‏:‏ خلقتك لنفسي وخلقت كل شيء لك فلا تلعب وتكفلت برزقك فلا تتعب‏.‏ ويغار على لسانه أن يتعطل عن ذكره ويشتغل بذكر غيره ويغار على جوارحه أن تتعطل عن طاعته وتشتغل بمعصيته فيقبح بالعبد أن يغار مولاه على قلبه وجوارحه وهو لا يغار عليها وإذا أراد اللّه بعبد خيراً سلط على قلبه إذا أعرض عنه واشتغل بغيره أنواع العذاب حتى يرجع قلبه إليه وإذا اشتغلت جوارحه بغير طاعته ابتلاها بأنواع البلاء واعلم أن ما ذكر من سياق الحديث هو ما وقفت عليه في نسخ الكتاب والذي وجدته في الطبراني إنما هو ظاهر بلفظ إن اللّه ليغار لعبده المؤمن فليعز لنفسه‏.‏

قال ابن العربي‏:‏ أشد المؤمنين غيرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولذلك كان شديداً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وانتقامه للّه ولم يأخذه فيه لومة لائم وصحبه تابعوه في الغيرة‏.‏

- ‏(‏طس‏)‏ وكذا أبو يعلى ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ قال الهيثمي فيه عبد الأعلى علي بن عامر الثعلبي وهو ضعيف ورواه عنه أيضاً الدارقطني قال ابن القطان والحديث لا يصح فإن فيه أبا عبيدة عن أمه زوج ابن مسعود ولا يعرف لهما حال وليست زينب امرأة عبد اللّه الثقفية لأن تلك صحابية وابن مسعود عاش بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى سنة ثنتين وثلاثين فلا يبعد أن يتزوج غير صحابية‏.‏

1919 - ‏(‏إن اللّه تعالى يغار‏)‏ على عبده المؤمن ‏(‏وإن المؤمن يغار وغيرة اللّه‏)‏ هي ‏(‏أن يأتي المؤمن‏)‏ أي يفعل ‏(‏ما حرم اللّه عليه‏)‏ ولذلك حرم الفواحش وشرع عليها أعظم العقوبات وأشنع القتلات وشدة غيرته على إمائه وعبيده فإن عطلت هذه العقوبات شرعاً أجراها سبحانه قدراً ومن غيرته تعالى غيرته على توحيده ودينه وكلامه أن يحظى به غير أهله فحال بينهم وبينه غيرة عليه ‏{‏وجعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوه‏}‏ وما ذكر من أن الرواية أن يأتي المؤمن ما حرم اللّه عليه هو ما للأكثر لكنه في مسلم بلفظ ما حرم اللّه عليه بالبناء للفاعل وزيادة عليه والضمير للمؤمن وفي رواية أبي ذر أن لا يأتي بزيادة لا قال الصغائي‏:‏ والصواب حذفها وقال الطيبي‏:‏ تقديره غيرة اللّه ثابتة لأجل أن لا يأتي‏.‏ قال الكرماني‏:‏ وبتقدير أن لا يستقيم المعنى بإثبات لا فذلك دليل على زيادتها وقد عهدت زيادتها كثيراً وفي الحديث تحذير شديد من اقتحام حمى المعاصي والآثام المؤدية للّهلاك والطرد عن دار السلام‏.‏